للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المستقبلَ والمبشر عن قريب إذ يقول: بل أرجو أن يخرج اللهُ من أصلابهم من يعبد اللهَ لا يشرك به شيئًا وقد كان .. وأكرم اللهُ محمدًا صلى الله عليه وسلم والمسلمين برؤية جنود أفذاذٍ .. وقادةٍ أبطال أخرجهم اللهُ من حيث لم يحتسبوا هم .. أو يحتسب آباؤهم .. أو يحتسب المسلمون خروجهم بعد فترةٍ وجيزة من الصراعِ الدامِي والعداوة والبغضاء.

أجل لقد أخرج اللهُ خالد بنَ الوليد وعكرمة بن أبي جهل، وعمرو بن العاص من أصلاب آباءٍ طالما فتنوا المسلمين وآذوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وماتوا وهم يحملون رايةَ الحربِ .. ويؤلبون الناسَ من حولهم على المضي قدمًا على دين الآباء والتمسك بشعارات الجاهلية، بل لقد شاركهم هؤلاء الأبناءُ مهمتهم حينًا من الدهر ..

وأدركت السعادةُ بعضَهم فشملت الآباءَ مع الأبناء .. وكان من تباشير النصر للإسلام وفَرَحِ المسلمين أن ينخرط أبو سفيان (مثلًا) وابنُه معاويةُ في سلك قافلة المسلمين .. بعد حينٍ من الدهرِ تسلموا فيها راية المجابهة للمسلمين ..

إنه المستقبلُ المُغيَّبُ يُخلف الظنون .. ويبدد الأوهام ويقضي على السلبية والإحباط .. وهو وعدٌ قائمٌ متجددٌ للمسلمين في كل زمان ومكان بشرط أن يصدقوا مع ربِّهم ويخلصوا في جهادهم .. لا أن يلزموا المسكنةَ والضعف ويتعلقوا بالمستقبل ويُمنُّوا أنفسهم بمستقبل زاهرٍ لم يعملوا له .. ولم يجاهدوا لتحقيقه.

إن اللحظاتِ الحاضرة قد تأسرُ الإنسان، وقد تحجبه عن مجردِ التفكير في واقعٍ مستقبليٍ أحسنَ للإسلام والمسلمين وهو لا يرى في الأفق إلا مزيدًا من الفرقةِ والشقاق والضعفِ والخلافِ، وحرب الإبادةِ الفردية والجماعية توجه من اليهود أو النصارى أو من أهل النفاقِ والعلمنة لأهلِ الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>