للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلاةِ الفجرِ وصلاةِ العشاء، وإذا كان من فضل الله علينا في رمضان أن تبعدنا عن سماتِ المنافقين أفنتخبط في الظلمة في شوال أو غيره من أشهر العام، فننامُ عن بعض الصلوات المكتوبة ونُفرطُ في صلاة الجماعة.

وإني سائل نفسي وإياك- يا أخا الإسلام- كم جزءًا من كتابِ اللهِ قرأنا بعد انقضاء شهر الصيام؟ وكم ركعةً للهِ من غيرِ الفريضة ركعناها بعد انقضاء شَهرِ القيام، وهل صمنا شيئًا من ستِ شوالِ التي جاء في فضلها ما نعلَم، بعد انقضاءِ شهر الصيام إلى غير ذلكم من أعمالٍ عَمرتْ بها قلوبنا واستقامتْ بها حياتنا في شهر رمضان .. فإن قلنا: إن تقصيرنا هذه الأيام لفرحةِ العيد وظروفِه وهو معوضٌ بصلة الأرحامِ وزيارةِ الأصحاب والإخوان .. ولا يزالُ في الشهر متسعٌ للصيام أو التلاوة أو غيره من الطاعات والإحسان فيرد السؤالُ الآخر عاجلًا .. وهل أضمرنا نيّةَ الخير ومواصلة الطاعةِ وعدم الركونِ للكسل بعد شهر رمضانَ؟ وهل سنأخذ أنفسنا بالعزيمةِ أم يمضي العمرُ بالأماني الفارغة وركوبِ بحرِ التّمني؟ وهو البحرُ الذي لا ساحل له، وهو ما قيل-مركبُ مفاليسِ العالم- وبضاعةُ ركَّابهِ مواعيدُ الشيطان وخيالاتُ المحالِ والبهتان، وهي كما يقول ابنُ القيم رحمه الله بضاعةُ كلَّ نفسٍ مهينةٍ خسيسةٍ سُفلية، ليست لها همَّةٌ تَنال بها الحقائقَ الخارجية، بل اعتاضت عنها بالأماني الذهنية (١).

عبادَ اللهِ إذا كنا قد عزمنا على التوبة في شهر التوبة والغفران فمن الفهومِ الخاطئةِ أن نقصرَ التوبة على شهر رمضان ومن الخطأ كذلك أن نقصر التوبة على الإقلاعِ عن الذنبِ والندم عليه، وعدم الرجوعِ إليه مرةً أخرى فهذا جزءٌ من التوبة، وجزؤها الآخر يبسطه لنا الإمامُ ابن القيم رحمه الله من خلال نصوصِ الوحيين، فيقول


(١) مدارج السالكين ١/ ٤٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>