للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنكر إذا لم تقدر أن تُغيره فزل عنه، قال تعالى: {وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم} الآية (١).

الثالث: الخروج من أرضٍ غلب عليها الحرام، فإن طلب الحلال فرض. الرابع: الفرارُ من الأذية في البدن، وذلك فضل من الله أرخص فيه، فإذا خشي على نفسه فقد أذن الله في الخروج عنه والفرار بنفسه لتخليصها من ذلك المحذور، وأول من فعله إبراهيم عليه السلام، فإنه لما خاف من قومه قال: {إني مهاجر إلى ربي}، وقال: {إني ذاهب إلى ربي سيهدين}، وقال مخبرًا عن موسى: {فخرج منها خائفًا يترقب}.

الخامس: خوفُ المرض في البلاد الوخمة، والخروجُ منها إلى الأرض النَّزهة، فقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم للرعاة حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المسرح فيكونوا فيه حتى يصحوا، وقد استُثني من ذلك الخروج من الطاعون .. كما جاء في الحديث الصحيح.

السادس: الفرارُ خوف الأذية في المال، فإن حرمة مالِ المسلم كحرمةِ دمه، والأهلُ مثلُه وأوكد.

أيها المسلمون! وإذا كان ما مضى في أنواع قسم سفر الهرب فقد قال العلماء: وأما قسم الطلب فينقسم إلى قسمين: طلب دين وطلب دنيا، فأما طلب الدين فيتعدد بتعدد أنواعه إلى تسعة أقسام، وهي مهمة فتأملوها، هي:

أولًا: سفر العبرة، قال الله تعالى: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم} (٢)، وهذا كثير في القرآن، ويقال إن ذا القرنين إنما طاف الأرض ليرى عجائبها، وقيل لينفذ الحق فيها،


(١) سورة الأنعام، آية: ٦٨.
(٢) سورة الروم، آية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>