للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهنا سؤال وجواب: فإن قيل: كيف يسأل المؤمن الهداية- للصراط المستقيم- في كلِّ وقت من صلاة وغيرها، وهو متَّصف بذلك، فهل ذلك من باب تحصيل الحاصل أم لا؟

والجواب- كما قال الحافظ ابن كثير يرحمه الله- أن لا ليس من تحصيل الحاصل، ولولا احتياجه ليلًا ونهارًا إلى سؤال الله الهداية لما أرشده الله إلى ذلك، فإن العبد مفتقر في كلِّ ساعة وحالة إلى الله تعالى في تثبيته على الهداية ورسوخه فيها، وتبصُّره، وازدياده منها، واستمراره عليها، فإن العبد لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا إلا ما شاء الله، فأرشده الله تعالى إلى أن يسأله في كلِّ وقت أن يمدَّه بالمعونة والثبات والتوفيق، فالسعيد من وفقه الله تعالى لسؤاله .. (١).

يا عبد الله! مع سؤالك لله الهداية والثبات في كلِّ لحظة وحال فاشرح صدرك للإسلام، ووسع قلبك للتوحيد والإيمان، قال الله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} (٢).

أيها المسلمون! من عجب أن يضيق هذا الصراط المستقيم بأقوام على سعته واستقامته، وتتسع لهم- في ظنِّهم- طرق أخرى مع ضيقها وعوجها، فيؤثرون الهوى على الهدى، ويستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، وقد ورد في سعة صراط الله المستقيم أنه أوسعُ ما بين السماء والأرض (٣).


(١) تفسير ابن كثير ١/ ٤٤.
(٢) سورة الأنعام، الآية: ١٢٥.
(٣) تفسير ابن كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>