للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتقهقر علامة الردى، وهو انتصار للشيطان في معركة الشهوات ومردته مصفدون فكيف بمقاومته إذا فُكت الأغلال وأطلق المصفدون إنه مظهر يحزن القلب له وحُق للعين أن تدمع- فإياك إياك يا أخا الإسلام أن تكون من هذا الصنف فتُحرم.

رابعًا: والعُمرة في رمضان مكسب ولها مزيّة وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: ((ما منعك أن تحجي معنا؟ )) قالت: لم يكن لنا إلا ناضحان، فحج أبو ولدها وابنها على ناضح وترك لنا ناضحًا ننضح عليه، قال: ((فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تعدل حجة)) (١). وفي حديث آخر صحَّ سنده: ((عمرة في رمضان كحجة معي)) (٢)، وهذا لا شك فضل عظيم وثواب كبير فكيف إذا انضاف إليه فضل الصلاة ما شاء الله في المسجد الحرام، والصلاة فيه عن مائهّ ألف صلاة، كما صحّ بذلك الحديث، وهكذا مضاعفة الذكر وتلاوة القرآن وأنواع الطاعات.

ولكن البلية كلَّ البلية فيمن يذهبون لهذا العمل الخيّر ويضيعون أبناءهم وبناتهم وأهليهم ومن ولاَّهم الله عليه، وسواء كان هذا الضياع في تركهم حين السفر بلا رقيب أو حسيب، أو اصطحابهم إلى البقاع الطاهرة دون العناية بهم، فيتسكعون في الشوارع والأسواق وتفتن النساء الرجال بزينتهن وتبرجهن، ويؤذي الشباب النساء بمضايقتهن أو الاعتداء عليهن .. مصيبة أيها المسلم أن تكون في عداد الراكعين الساجدين في المسجد الحرام، وأهلُ بيتك يفتنون الناس ويؤذونهم، ألا فانتبهوا معاشر المسلمين لهذا المزلق الخطر، واهتموا بأبنائكم وبناتكم وإخوانكم وأخواتكم في حال سفركم أو إقامتكم رغِّبوهم في الخير وحذروهم من الشرِّ،


(١) متفق عليه من حديث ابن عباس (انظر صحيح البخاري مع الفتح ٣/ ٦٠٣).
(٢) صحيح الجامع الصغير ٤/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>