للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للكافرين ما كانوا يعملون} (١). إنها حياة القلوب أو موتها - وإنها أنوار الإيمان أو ظلمات الكفر ..

قال العارفون: فالقلب الحيُّ المستنير هو الذي عقل عن الله، وأذعن وفهم عنه وانقاد لتوحيده، ومتابعة ما بُعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقلب الميتُ المظلم الذي لم يعقل عن الله ولا انقاد لما بُعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا يصف سبحانه هذا القرب من الناس بأنهم أموات غير أحياء، وبأنهم في الظلمات لا يخرجون منها، ولهذا كانت الظلمة مستولية على جميع جهاتهم فقلوبهم مظلمة ترى الحق في صورة الباطل، والباطل في صورة الحق، وأعمالهم مظلمة وأقوالهم مظلمة وأحوالهم كلُّها مظلمة، وقبورهم ممتلئة عليهم ظلمة، فإذا قسمت الأنوار دون الجسر للعبور عليهم بقوا في الظلمات، ومدخلهم في النار مظلم (٢).

إخوة الإيمان! هل علمتم أن الله خلق الخلق أولا في ظلمة فمن أراد الله له الهداية أسبغ عليه من نوره، ومن أراد به الشقاوة بقيت الظلمة ملازمة له، فقد روى الإمام أحمد وابن حبان والحاكم وصححاه من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله خلق خلقه في ظلمة، ثم ألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضلّ، فلذلك أقول: جف القلم على علم الله)) (٣).

أيها المسلمون! ولا تغرنكم الأنوار المصطنعة للخارجين عن طاعة


(١) سورة الأنعام، الآية: ١٢٢.
(٢) اجتماع الجيوش الإسلامية- لابن القيم ص ٣٩.
(٣) المسند ٢/ ١٧٦، ١٩٧، ورواه الترمذي وقال: حديث حسن، وصححه الألباني (صحيح سنن الترمذي ٢/ ٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>