للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرحيل عن هذه الدار قبل إتمام حجِّهم، أو قبل أن يصلوا إلى أهليهم، والله يحكم ما يشاء ويختار، ما كان لهم الخيرة من أمرهم، ونسأل الله أن يتقبل من الحجاج حجتهم ويمتعهم متاعًا حسنًا، وأن يغفر للموتى ويُجزل مثوبتهم، ويجبر مصابهم وأهلهم. وكذلك تكون الحياةُ الدنيا وكذلك يفعل الله ما يشاء بالأحياء، وحكم المنية في البرية جاري ما هذه الدنيا بدار قرار {وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير} (١).

ولله الحمد والمنة إذ أفاء على الحجاج وغير الحجاج من بركات عشر ذي الحجة ومتعهم حتى عاشوا يوم العيد وأيام التشريق وهي أَيام عظيمة فاضلة.

ولك الحمد ربّنا إذ جعلت الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس وأمنًا، فعبدوك آمنين مطمئنين، اللهم زد بيتك تعظيمًا وتشريفًا، وأجزل المثوبة لكل من ساهم في أمن الحجاج والمعتمرين، وطهر بيت الله للطائفين والعاكفين والركع السجود، اللهم ومن أراد بيتك أو حجاجه وعماره أو المسلمين بسوء فاجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميرًا عليه يا رب العالمين.

اللهم عظم للعاملين أجورهم، ولا تحرم المقصرين فضلك، واجعلهم فيما يستقبلون من أيامهم خيرًا مما مضى من أعمارهم. واختم بالصالحات أعمالهم، ولا تضلهم بعد إذ هديتهم، فما أسوأ الحور بعد الكور، والضلالة بعد الهدى، ومن يُضلل الله فما له من هاد.

أيها المسلمون! من فضل الله علينا أن المسلم ينتقل من عبادة إلى عبادة ومن موسم للخيرات إلى آخر، وهذه العبادات منها ما يتكرر كلَّ عام، ومنها ما يتكرر


(١) سورة فاطر، الآية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>