للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره)) (١). كان يحيي الليل، ويوقظ أهله، ويشد مئزره، وهو الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما بال أقوام تثقلهم الذنوبُ، ويحتاجون إلى رحمة علام الغيوب، ثم هم يُفرّطون، وعن مواسم الخيرات يتأخرون؟ ! إنها النفوس الأمارة بالسوء تقعد بأصحابها حين تكون المغانم، وإنها الهمم الضعيفة تستثقل القيام في أيام وليالي معدودة ..

أين نحن من قومٍ ديدنهم القيام طوال العام، وسيماهم التضرع والتجافي عن المضاجع في رمضان وغير رمضان، بل كانوا يتلذذون بالقيام ويسعدون وهم يناجون الملك العلام، يقول أحدهم: لولا قيام الليل ما أحب البقاء في الدنيا.

وقال عاصم بن أبي النجود يرحمه الله: أدركت أقوامًا كانوا يتخذون هذا الليل جملًا (٢).

أولئك الذين أثنى الله عليهم ووعدهم، وربك لا يخلف الميعاد، {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون} (٣)، ذلك واقعهم، أما جزاؤهم، {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} (٤).

أهل التجافي في جنح الظلام هم أهلُ التقوى والمتقون في جناتٍ وعيون، أحسنوا في الدنيا فأحسن الله إليهم في الآخرة {إن المتقين في جنات وعيون *


(١) صحيح مسلم ٢/ ٨٣٢ ح ١١٧٥.
(٢) المختار للحديث في رمضان ٧٦.
(٣) سورة السجدة، الآية: ١٦.
(٤) سورة السجدة، الآية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>