للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين، يعلم السرَّ وأخفى، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته ولا يظلم ربُّك أحدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ومع كمال رسالته وحسن خلقه لم يسلم من أذى المنافقين حتى أتهموه في عرضه وآذوا أهله فبرأه الله مما قالوا، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله، اللهم صلِّ وسلم عليه وعلى سائر المرسلين.

أيُّها المسلمون! حركة النفاق بدأت بعد انتصار الإسلام في معركة بدر، وحينها شرق المنافقون بالإسلام ولم يكن بإمكانهم مواجهته صراحة، وليس لديهم الاستعداد للدخول فيه عن قناعة وطواعية، فاختاروا طريق النفاق وبئس الخيار وكفاهم خزيًا وعارًا أن المنافقين في الدرك الأسفل من النار، واستمرت هذه النبتة الخبيثة عبر تاريخ الإسلام تختلف أسماؤها ومسمياتها ووسائلها وتتفق في أهدافها وغاياتها، أما بواعث النفاق فهي أغراض نفسية، ومطامع دنيوية، وحب للشهوات، وتفضيل مراد النفس على مراد الله، فهذه الأشياء تمنع أهلها من قبول الحقِّ وتحملهم على معاداة أهله، وإبطان السوء، وكراهية الحقِّ، والتربص بالمؤمنين الدوائر (١).

والمنافقون -كما قال العالمون- عُشّاق زعامة، وعبيدُ مصالح، لا يُقصِّرون في امتطاء كلِّ مركب يضمن لهم السيادة والقيادة، ومن أجل هذا يؤمنون أوّل النهار ويكفرون آخره .. ويخاطبون كلَّ إنسان بالأسلوب الذي يحبه ويرضاه {وإذا لقوا


(١) د. عبد الحليم العبد اللطيف، حديث الإفك ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>