للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه مرة وإلى هذه مرة)) (١). والشاة العائرة -كما في النهاية- هي المترددة بين قطيعين لا تدري أيهما تتبع (٢).

فلا يغرنكم ولاؤهم المتردد فهم مع من غلب، حتى وإن مدحوا ظاهرا لتحقيق مصالح ومطامع من يرجون، فهم يتكلمون بخلافه حين يَخْلون، وذلك ضرب من ضروب النفاق.

أخرج البخاري في صحيحه عن زيد بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال ناسٌ لابن عمر: إنا لندخل إلى سلطاننا أو أمرائنا فنقول لهم بخلاف ما نتكلم به إذا خرجنا من عندهم، فقال: كُنَّا نعدُّ هذا نفاقا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (٣).

ولا يغرركم حديثهم عن الإسلام وهم كاذبون، وبأحكامه لا يعملون، سئل حذيفة رضي الله عنه ما النفاق؟ فقال: أن تتكلم بالإسلام ولا تعمل به (٤).

ألم يقيموا في المدينة مسجدًا قرب مسجد قباء، زعموا أنما بنوه للضعفاء منهم وأهل العلة في الليلة الشاتية، فهدمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه الله مسجد الضرار، وأوحى إلى عبده أن عملهم هذا كفرٌ وتفريق بين المؤمنين، وإن حلفوا أنهم ما أرادوا به إلا الحسنى فهم كاذبون {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون} (٥).


(١) أخرجه مسلم والنسائي (جامع الأصول ١١/ ٥٧١).
(٢) النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ٣/ ٣٢٨.
(٣) البخاري ١٣/ ١٤٩ في الأحكام، باب ما يكره من ثناء السلطان وإذا خرج قال غير ذلك، جامع الأصول ١١/ ٥٧١.
(٤) سير أعلام النبلاء ٢/ ٣٦٣.
(٥) سورة التوبة، الآية: ١٠٧، وانظر تفسير ابن كثير على هذه الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>