للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظَّالِمِينَ (١٩) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} (١) ومن هنا تسابق المؤمنون إلى ميادين الجهاد، ورغبوا في الشهادة، ولا غرابة أن يُلقي أحدُهم بتمرات كانت معه ويقول: لئن أنا بقيت حتى آكل هذه إنها لحياة طويلة! !

ولا غرابة كذلك أن يتسابقوا إلى المرابطة في الثغور وهم يسمعون المصطفى يقول: «رباط يومٍ وليلةٍ خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامِه، وإن مات جرى عليه عملُه الذي كان يعمله، وأُجري عليه رزقُه، وأمِنَ الفتَّان» (٢).

ولهذا قال أبو هريرة رضي الله عنه: لأن أُرابط ليلةً في سبيل الله أحبُّ إليَّ من أن أقوم ليلة القدرِ عند الحجرِ الأسودِ (٣).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ولهذا كان الرباط في الثغور أفضل من المجاورة بمكة والمدينة، والعمل بالرمح والقوس في الثغور أفضلُ من صلاة التطوع (٤). اهـ.

أيها المسلمون: حقًا إن الجهاد في سبيل الله رفعًا لذُلِّ الأمةِ المسلمة، وما فتئ المسلمون، ومنذ غابت عنهم هذه الفريضةُ الإسلامية يتمرغون في أوحال الذلِّ والتبعية، ويسومهم العدوُّ سوء العذاب، وتلك وربي واحدة من أعلام نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهو القائل: «إذا تباعيتم بالعينة - وهي نوع من الربا - وأخذتم بأذنابِ البقرِ، ورضيتُم بالزَّرع، وتركتم الجهادَ، سلَّط اللهُ عليكم ذلًا لا ينزعه حتى ترجِعُوا


(١) سورة التوبة: الآية ١٩، ٢٠.
(٢) رواه مسلم، مختصر المنذري: ح ١٠٧٥.
(٣) الفتاوى: ٢٨/ ١٢.
(٤) الفتاوى: ٢٨/ ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>