للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعاطي الدواء، تُرى أَيُنَا يُنكر عداوة الشيطان للإنسان، والله يقول مؤكِّدًا: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦)} (١).

فالعداوةُ حقٌ لا مرية فيها، تُقرِّرُها هذه الآية ومثيلاتها في القرآن، والهدف منها واضح لا غموض فيه: {إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}. وبداية العداوة قديمة تتصل بأبينا آدم عليه السلام حين أُمر الملائكة بالسجود له، فسجدوا إلا إبليس خانه أصله ساعة الابتلاء، فأبى أن يسجد لآدم متعللًا بأنه أشرف منه، فقارن بين الأصول ولم يلتفت إلى الأمر بالسجود فقال: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} (٢).

ومن عجب أن إبليس وهو يتكبر يعترف ويقرُّ بأن الله هو الخالق، بل يُقر بالبعث والجزاء - وهو القائل: {خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ}: {أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} (٣).

ومن عجب أيضًا أن إبليس -لعنه الله - يطلب النظرة إلى يوم البعث، لا ليندم على خطيئته، ولا ليتوب إلى الله ويرجع ويكفِّر عن إثمه الجسيم، ولكن لينتقم من آدم وذريته جزاء ما لعنه اللهُ وطرده، يربط لعنَةَ الله له بآدم ولا يربطها بعصيانهِ لله (٤).

أيها المسلمون: وإذا كانت هذه بداية العداوة الأولى للشيطان مع الإنسان بشكل عام، فله بدايةٌ مع كل مولودٍ بشكل خاص. روى مسلم في «صحيحه» عن


(١) سورة فاطر: الآية ٦.
(٢) سورة الأعراف: الآية ١٢.
(٣) سورة الأعراف: الآية ١٤.
(٤) الظلال ٤/ ٢١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>