للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختار ابن جرير رحمه الله؛ أن المراد جميعُ طرقِ الخير والشر، فالخيرُ يصدهم عنه، والشرُّ يحبِّبُه لهم (١).

وقد ثبت في صحيح السنة أن الشيطان يبيت مع الإنسان، فأين يبيت يا ترى؟

في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، واللفظ لمسلِم؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا استيقظ أحدُكم من منامِه فليستنثرْ ثلاث مراتٍ، فإنَّ الشيطانَ يبيتُ على خياشيمه» (٢).

قال الحافظ ابن حجر: ظاهرُ الحديث أن هذا يقع لكل نائم، ويُحتمل أن يكون مخصوصًا بمن لم يحترز من الشيطان بشيء من الذِّكر، كحديث أبي هريرة وفيه: «فكانت له حِرْزًا من الشيطان». وحديث آية الكرسي وفيه: «ولا يقربُكَ شيطانٌ».

ويحتمل أن يكون المراد بنفي القرب هنا أنه لا يقرب من المكان الذي يوسوسُ فيه، وهو القلب، فيكون مبيتُه على الأنف ليتوصّل منه إلى القلب إذا استيقظ (٣).

وقال القاضي عياض يرحمه الله: يحتمل أن يكون المبيتُ على حقيقته، فإن الأنف أحدُ منافذِ الجسم التي يُتوصل إلى القلب منها، ويُحتمل أن يكون على الاستعارة، فإن ما ينعقد من الغبارِ ورطوبةِ الخياشيم قذارةٌ توافق الشيطان (٤).

كما ثبت أيضًا أن الذكر وتلاوة القرآن طاردٌ للشيطان. ويكفي أن تقف على قوله صلى الله عليه وسلم، وتعمل به إذا أردت السلامة من الشيطان، فقد ثبت في «صحيح مسلم» من حديث جابرٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا دخل الرجلُ بيتَهُ


(١) تفسير ابن كثير لآية الأعراف: ٣/ ٣٩٠، ٣٩١.
(٢) شرح النووي لمسلم ٣/ ١٢٧.
(٣) الفتح ٦/ ٣٤٣.
(٤) شرح مسلم ٣/ ١٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>