للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرهم؛ لأنه -أي غير طلاب العلم والعبادة - لم يسلك شرع الله ومنهاجه، بل هو مقبلٌ على هواه في غفلةٍ عن ذكر ربه، وهذا مطلوبُ الشيطان، بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة، فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله (١).

هذه -معاشر العلماء والعباد - لفتةٌ حريةٌ بالتأمل والمجاهدة، ولكن مما يُسري عن هؤلاء أن انتصارهم في معركة وسوسة الشيطان يُعظِّم قدرَهم ويرفع درجاتهم، وخسارتهم لا شك أعظم إن تمكن الشيطان منهم.

يقول الشيخ -في تتمة حديثه السابق:

وكلما كان الإنسان أعظم رغبة في العلم والعبادة، وأقدر على ذلك من غيره بحيث تكون قوته على ذلك أقوى، ورغبته وإرادته في ذلك أتمَّ، كان ما يحصل له إن سلَّمه الله من الشيطان أعظم، وكان ما يفتتن به إن تمكَّن من الشيطان أعظم، ولهذا قال الشعبي: كل أمةٍ علماؤها شرارها، إلا المسلمين فإن علماءهم خيارهم (٢).

عباد الله: وإذا تبين شمول الشيطان بالإغواء والوسوسة الأخيارَ ومن دونهم، والعلماء ومن سواهم -على درجات وطرائق - تأكد أهمية الخلاص منه، والتحصين ضده بالوسائل المشروعة، وأول التحصينات ضد الشيطان وأهمها:

١ - إخلاص العبادة لله، فالشيطان نفسه يعترف ألاَّ سبيل له على المخلصين: {قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} (٣).

والمخلِص هو الذي يعمل ولا يحبُّ أن يحمَدَه الناسُ، وقيل: هو من يكتم


(١) الفتاوى: ٧/ ٢٨٢.
(٢) الفتاوى: ٧/ ٢٨٤.
(٣) سورة الحجر: الآية ٣٩، ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>