للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل إن شهوة المرء التي يتلذذ بفعلها تنقلب إلى عبادة مع حسن النية وعلُوِّ المقصد، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدُنا شهوته ويكون له فيها أجرٌ؟ قال: «نعم، أرأيتم لو وضَعَها في حرامٍ أما يكون عليه وزرٌ؟ » قالوا: بلى، قال: «وكذلك إذا وضعها في حلال»؛ يعني يكون له بذلك أجر، فكيف إذا صاحب ذلك إصلاح الذرية، وتكثير نسل المسلمين، وإعفاف النفس والآخرين؟ !

إخوة الإسلام: وفي مقابل ذلك قال تعالى عن فئة من المصلين {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} (١).

وقال عن فئة من المتصدقين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالأذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} (٢).

أيها المسلمون: إن توفر الإخلاص واستحضار النية الطيبة تجعل من المعدوم موجودًا، فقد يهمُّ المسلم بعمل الخير، ويرغبُ في أدائه، ولكنه قد لا يستطيعه، أو تعجز وسائله عن إدراكه .. فيكتب الله له أجر ذلك العمل -وإن لم يقم به -؛ لأن الله علم ما في قلبه.

أرأيت من يتطلع إلى جهاد الأعداء، ولكن يقعد به ضعفه عن ذلك، ومن يغبط المتصدقين فيَودُّ لو كان له مال فينفقه في سبيل الله، ومن يتطلع إلى عمل الصالحات، لكن يقعد به المرض، كلُّ أولئك وأمثالهم بنواياهم وأجرُهم على الله، وفي حديث: «إنما الدنيا لأربعة نفر .. » درس وعبرة.


(١) سورة الماعون: الآية ٤ - ٧.
(٢) سورة البقرة: الآية ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>