للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحرف، ما نَصيبُ الإخلاص لدى المختصين والعاملين فيها؟ في مجال طلب العلم - عمومًا - والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي القضاء، بل وفي سائر الولايات الدينية والدنيوية .. كيف يكون الإخلاص؟ وكم هي نسب المخلصين؟

عباد الله: ولئن كان الإخلاص من أعمال القلوب، وتلك لا يعلم حقيقتها إلا علاَّم الغيوب، إلا أن للإخلاص أماراتٍ وللمخلصين علامات يمكن أن يُستدل بها عليهم، ومن علامات الإخلاص: الجدية في العمل وحسن الإنتاج، وأن يستوي عند العامل شهود الناس لعمله أو غفلتهم عنه. ومن علامات المخلصين أنهم لا يرغبون في مدحهم ولو عملوا، بعكس غيرهم ممن يُحبون أن يُحمدوا بما لم يفعلوا.

المخلصون يخشون الله بالغيب ويراقبونه في حال السرِّ، كما يخشونه في الشهادة، ويراقبونه في حال العلانية، شأن المخلصين وهدفهم رضى الله، وليس هدفهم أن يرضى الناس عنهم ولو سخط الله.

المخلصون لا يأنفون أو يتضايقون إذا رموا بما ليس فيهم، فقد يكون أحدهم جوادًا ويُرمى بالبخل، أو عالمًا وداعيةً ويرمى بالجهل والإفساد -وهو ليس كذلك في ظاهره وباطنه - بل ربما أزرى المخلصون بأنفسهم وحمدوا المتَّهمين لهم بما ليس فيهم. ومن روائع مواقف السلف أن رجلًا زاحم سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم في منىً، فالتفت الرجل إلى سالم -وهو لا يعرفه - فقال له: إنّني لأظنُّك رجل سوءٍ، فأجابه سالمٌ -وهو من خيار التابعين - بقوله: ما عرفني إلا أنت (١).


(١) «صفة الصفوة» ٢/ ٩٠، «الأتقياء» إبراهيم الدويّش ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>