للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أنس رضي الله عنه (ذي الأذنين) هو أن يكون لصاحبها دمع مسفوح، وقلب عن المعاصي جموح.

أما شروط التوبة النصوح، فقد قال سعيد بن جبير رحمه الله: لا تقبل التوبة ما لم يكن فيها ثلاثة شروط: خوف ألا تقبل، ورجاء أن تقبل، وإدمان الطاعات.

وهل من شروط التوبة النصوح الاستمرار على ذلك إلى الممات؟ تساءل ابن كثير- يرحمه الله- هذا التساؤل .. فقال: (وهل من شرط التوبة النصوح الاستمرار على ذلك إلى الممات كما تقدم في الحديث وفي الأثر) (لا يعود منه أبدًا)، أو يكفي العزم على أن لا يعود في تكفير الماضي، بحيث لو وقع منه ذلك الذنب بعد ذلك لا يكون ذلك ضارًا في تكفير ما تقدم، لعموم قوله عليه السلام: «التوبة تجب ما قبلها»؟ - ثم قال- وللأول- معنى عدم العودة إلى الذنب أبدًا- أن يحتج بما ثبت في الصحيح أيضًا «من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر» (الحديث متفق عليه) فإذا كان هذا في الإسلام الذي هو أقوى من التوبة، فالتوبة بطريق الأولى والله أعلم (١) وعلى كل حال فمما ينبغي أن يعلم أن الندم توبة كما ورد ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وإذا لم يكن بمقدور الإنسان الخلاص من المعاصي، وكل ابن آدم خطاء .. فعليه أن يلازم التوبة وألا ييأس من المغفرة، حتى ولو كثر ذنبه .. ولو تكررت أخطاؤه .. ولو أعاد التوبة مرة ومرة، فقد أخرج البخاري ومسلم حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكيه عن ربه تبارك وتعالى (٢).


(١) انظر تفسير ابن كثير ٨/ ١٩٧.
(٢) انظر ص ٣ من خطبة المغفرة (١) ورقمها (٣٦) أو انظر الحديث نفسه جامع الأصول ٨/ ٣٩ مع الحاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>