للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليَّ، فما زال يعطيني حتى إنه لأَحَبُّ الناسِ إليَّ. رواه أحمد ومسلم وغيرهما (١).

بل ويبلغ محمد صلى الله عليه وسلم بالتأليف مبلغًا عاليًا، إذ لا يقتصر تأليفه على المال، بل يؤلف بالنظرة الهادفة، وبالكلمة الطيبة، وبالموقف اللطيف، وبإنزال الناس منازلهم، حتى ملك القلوب وانصاع له الأعداء. وكان في سيرته نموذجًا لبناء العلاقات وبكل حال، فمقام التأليف في القرآن والسنة والسيرة يحتاج إلى وقفة متأملة، لا يتسع المقامُ الآن لبسطها أكثر من ذلك.

عباد الله: ومَدُّنا الحضاري وإسهامنا في بناء العلاقات يصل إلى أهل الكتاب. ولكنه مصحوب بالعزة، مشروط بالتزام العقيدة الحقة: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (٢).

وفي هذا الصدد وفي سبيل بناء الإسلام للعلاقات مع الآخرين يرشد إلى العدل مع البعيد والقريب: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (٣).

ويأمر بالعدل حتى مع وجود الخلاف مع الطرف الآخر: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (٤).

إخوة الإسلام: تلك خطوط عامة وإشارات سريعة إلى عظمة الإسلام في بناء العلاقات، ويبقى بعد ذلك السؤال المهم: لماذا، وما الهدف من الحديث عن هذه العلاقات؟


(١) انظر: تفسر ابن كثير لآية التوبة: ٦٠.
(٢) سورة آل عمران: الآية ٦٤.
(٣) سورة الأنعام: الآية ١٥٢.
(٤) سورة المائدة: الآية ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>