للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج ابنُ عبد البر بسند جيد - كما قال الحافظ في «الفتح» - عن أبي داود صاحب «السنن»؛ أنه كان في سفينةٍ فسمع على الشطِّ حَمْدَ عاطسٍ، فاستأجر قاربًا بدرهم حتى جاء إلى العاطس فشمّته، ثم رجع، فسُئل عن ذلك، فقال: لعله يكون مجابَ الدعوة، فلما رقدوا سمعوا قائلًا يقول في أهلِ السفينة: إن أبا داود اشترى الجنةَ من الله بدرهم.

وذكره الذهبيُّ في «سير أعلام النبلاء».

يا عبد الله: أللقوم غايةٌ غير غايتك، أم أنك لا تخافُ مما يخافون، أم أنك زاهد في الجنان والنعيم الذي يطلبون؟ أم لديك شكٌّ في الوعد الحق الذي أخبر عنه الحقُّ بقوله: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ (٥١) قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٥٢) إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٥٣) فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (١).

يا ابن آدم: تأمل من أين جئت وإلى أين ستنتهي: {قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ (١٧) مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} (٢).

يا عبد الله: أتغترُّ بالله أم تنكر خلقه .. أم تستهين بالحفظة الكاتبين؟ ألا فاعمل صالحًا واتخذ من دار المهلة زادًا لدار النُّقلة، فالفرقُ كبير في المنازل بين الأبرار والفُجّار، ودونك كتاب الله فهو لك موقظ ومذكِّر: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (٧) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (٨) كَلَّا بَلْ


(١) سورة يس، الآية: ٥١ - ٥٤.
(٢) سورة عبس، الآية: ١٧ - ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>