للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلست بعضها إلى بعضٍ لتأكل في لحوم الناس وتنتهك أعراضهم بالغيبة والنميمة - ومجموعةٌ أخرى حبست نفسها على مسلسلات هابطة، أو فتحت آذانها لسماع أصوات غنائية منكرة، وتلك مجموعة حين تنفس الصبحُ قطعت هي أنفاسها واستكانت للنوم، لا يوقظها تكبيرُ المآذن، ولا يبعثها من مرقدها النداءُ الواجبُ للصلاة، حتى إذا قارب الغروب وحان الإفطار - بدأت تستجمع قواها، لمواصلة السهر ليلًا لا في المحاريب وأماكن العبادة وإنما في اجتماعات الشِّللِ، وحيث توجد المسلسلاتُ والقنوات وتضاع الأوقات. أيُّ صومٍ هذا، وأيُّ مفهوم للعبادة في رمضان هذا المفهوم، تُضاع فيه الصلوات، وتُهدر الأوقات، وترتكب المحرمات؟ !

الوقفة الرابعة: وهناك وقتان ثمينان، وفرصتان لا تعوضان للصائمين والصائمات .. وقد يغفلُ البعضُ عنهما منشغلًا بغيرهما، أو ناسيًا فضلهما واختصاصهما؛ إنهما وقت السَّحر، ووقت الإفطار .. فرصتان كبيرتان للاستغفار والدعاء.

أما علمت أيها الصائمُ أنك حين تستيقظُ للسحور توافق ساعةَ استجابة يقول فيها الغني الكريم: «هل من سائل فأعطيه، هل من داعٍ فأستجيب له، هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ » وأين أنت في ساعات الأسحار من قوله تعالى: {وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (١).

هل يكون همُّك حين تقوم نوع السحور - مع ما في السحور من بركة وتحقيق للسنة - أم تتذكر مع ذلك قيمة الوقت؟ .. فتخلصُ في الدعاء، وتخصُّ هذا الوقت بالاستغفار.


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>