للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويشيع الإحسان وتطمئن نفوسُ الأكابر.

وفوق ذلك فالبرُّ سلف، والإحسان محفوظ، و «من يفعل الخيرَ لا يعدم جوازيه»، وقد ورد عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكرمَ شابٌّ شيخًا لسِنِّه إلا قيّضَ اللهُ له من يُكرِمُه عند سِنِّه» رواه الترمذي.

قال أحد العلماء: إن في الحديث دليلًا على إطالة عمرِ الشابّ الذي يُكرم المسنين؛ لقوله في الحديث: «قيّض اللهُ له عند سِنّه» (١).

وكم هي لمسةُ وفاء من ذلك الابن لأبيه الذي قال لإخوته الثلاثة حين مرض أبوهم، قال: إمّا أنْ تُمرّضوه وليس لكم من ميراثه شيء، وإما أن أمرضه وليس لي من ميراثه شيء، قالوا: بل مَرِّضه وليس لك من ميراثه شيء، فمرّضه حتى مات، ولم يأخذ من ماله شيئًا (٢).

أين هذا ممن يتبرّمون بإعالة آبائهم إذا طال مكثُهم عندهم، وإذا لم يستطع أحدُنا أن يتنازل عن ميراثه من أبيه في مقابل خدمته وتمريضه، فلا أقلّ من واجب الإحسان والرعاية وإن لم يتنازل عن شيء من المال.

معاشر المسلمين: ولربما دلّس الشيطان على بعض الأبناء، فأوحى لهم أن الرعاية التي تقدمها الدولة أو الجمعيات الخيرية من خلال دور رعاية المسنين، أفضلُ وأشملُ من رعاية الأبناء، وسوّغ لهم ذلك سهولة إدخالِهم في هذه الدور وظنوه بهم برًا وإحسانًا.

وقد صدرت الفتوى بعدم جواز التخلي عن الوالدين أو أحدهما بالحجة


(١) عارضة الأحوذي ٨/ ١٠٩، ١١٠.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» عن طاووس ١١/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>