للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منذرُ جيشٍ يقول: صبّحكم ومساكم ويقول: ((بُعثتُ أنا والساعة كهاتين)) ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى -ويقول: ((أما بعد: فإن خير الحديث كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمد، وشرَّ الأمور محدثاتُها، وكلَّ بدعة ضلالةٍ)) (١).

وفي رواية للنسائي: ((وكلَّ ضلالة في النار)).

عباد الله: وتذكروا دائمًا فيما تعملون أو تذرون قول النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الصحيح عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كلَّ بدعةٍ ضلالة)).

قال ابن تيمية رحمه الله: وهذه قاعدة قد دلت عليها السنةُ والإجماع، مع ما في كتاب الله من الدلالة عليها أيضًا، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} (٢).

ثم قال يرحمه الله: فمن ندب إلى شيء يتقربُ به إلى الله، أو أوجبه بقوله أو بفعله من غير أن يشرعه الله، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، ومن اتبعه في ذلك فقد اتخذه شريكًا لله شرع من الدين ما لم يأذن به الله .. (٣).

وهكذا -إخوة الإيمان- تبدو خطورة البدعة على من شرعها أو عمل بها .. كما قرر العلماء.

بل يقرر ابنُ تيمية أيضًا: إن هذا المُشرَّع قد يكون متأولًا في هذا الشرع، فيغفر له لأجل تأويله إذا كان مجتهدًا الاجتهاد الذي يُعفى معه عن المخطئ ويُثابُ أيضًا


(١) مسلم ٣/ ٥٩٢ ح ٨٦٧.
(٢) سورة الشورى، الآية: ٢١.
(٣) الاقتضاء ٢/ ٥٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>