للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي عبيد، قالت: زُلزلت الأرض على عهد عمر -رضي الله عنه- حتى اصطفقت السرر، فخطب عمرُ الناس فقال: أحدثتم لقد عُجلتم! لئن عادت لأخرجنَّ من بين ظهرانيكم (١).

وأخرج ابن كثير عن قتادة -رحمهما الله- قال: ذُكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه، فقال: أيها الناس! إن ربَّكم يستعتبكُم فأعتبوه. أي: يطلب منكم العتبى وهو الرجوع إلى ما يرضيه.

أيها المسلمون: حذار من الغفلة ففيها العطب، وحذار من الغرور فيعقبه الندم وربنا يذكرنا ويحذرنا من غرور الدنيا بقوله: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (٢). إياك أخا الإسلام أن تمتد بنظرك إلى أخطاءِ غيرك وتتناسى أخطاءك.

ابدأ بنفسك، فإنْهَهَا عن غيِّها فإذا انتهت عنه فأنت حكيمُ

ثم انتقل بعد ذلك في الإصلاح والدعوة إلى الأقربين والأبعدين .. كن مشعلًا يضيء الخير أينما حلّ أو ارتحل، كن من مفاتيح الخير .. ومغاليق الشر .. والحذر أن تغتر بعملك أو تغرك صحتُك وقوتُك، أو تأمن مكر الله، فلا يأمن مكرَ الله إلا القومُ الخاسرون، ولا تنسَ أنك مخاطبٌ بقوله تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا} (٣).

يا عبد الله: حاسب نفسك قبل أن تُحاسب، ولا تنظر إلى الهالك كيف هلك،


(١) السيوطي: كشف الصلصلة عن وصف الزلزلة.
(٢) سورة لقمان، الآية: ٣٣.
(٣) سورة فاطر، الآية: ٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>