للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجره على الله. ومن وصايا لقمان لابنه: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} (١).

قال العارفون: من وطَّن نفسه على الأذى، وأيقن بثواب الله لم يجد مسَّ الأذى (٢). وحسبك بتوجيه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم معلمًا: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ} (٣).

والرفقُ ما كان في شيء إلا زانه، ولا نُزع من شيء إلا شانه، كذا نقول جميعًا ونعتقد، ولكن الناس متفاوتون في تطبيقه؛ فمنهم من لا يملكُ أصحابُ المنكر إلا الاستجابة العاجلة له لحسنِ أسلوبه ورفقه وحلمه، ومنهم من يزيدُ النار اشتعالًا بشدته وفظاظة أسلوبه، وليس الأمرُ والنهيُ مجردَ أداء، أو تخففًا من المسؤولية -كيفما اتفق- بل هو دعوةٌ للخير والحق، وشفقةٌ على الخلق، وعلاجٌ للمنكرات بأفضل الطرق وأحسن الخُلق.

يقول ابن تيمية رحمه الله: والرفقُ سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا قيل: ليكن أمرُك بالمعروف ونهيك عن المنكر غير منكر (٤).

ومع أهمية الرفق وكونه الأصل، فينبغي أن يعلم كذلك أن الحاجة قد تدعو للعنف والشدة أحيانًا - وذلك بحسب المنكَرِ وصاحبه، قال الحليمي: وينبغي أن يكون الآمرُ بالمعروف مُميّزًا؛ يرفق في مواضع الرفق، ويعنف في مواضع العنف،


(١) سورة لقمان، الآية: ١٧.
(٢) من وصية عمير بن حبيب لأبنائه، ((الزهد)) للإمام أحمد ٣٢.
(٣) سورة النحل، الآية: ١٢٧.
(٤) ((الأمر بالمعروف)) لابن تيمية ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>