للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوة الإيمان، يكفي أن يعلم أن أهل القرآن هم أهل الله وخاصته، لكن ينبغي أن يعلم كذلك أنه ليس المقصود بأهل القرآن، من يقرأونه دون تمعن، أو يهذونه هذًّا كهذِّ الشعر دون تأمل لمعانيه، أو تدبر لآياته، أو التزام بأوامره وتجنب لنواهيه، قال الله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها} (١)، وقال تعالى {كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب} (٢).

وقال تعالى {أفلا يتدبرون القرآن لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا} (٣).

وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ينكرون على من يهذ القرآن هذًّا كهذ الشعر أو يتكلفون في قراءته، ففي صحيح مسلم عن أبي وائل قال: جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف نقرأ هذا الحرف ألفًا تجده أم ياءً «من ماء غير آسن» أو من ماء غير ياس) قال: فقال عبد الله: وكل القرآن قد أحصيت غير هذا؟ قال: إني لأقرأ المفصل في ركعة: فقال عبد الله: هذا كهذِّ الشعر؟ إن أقوامًا يقرأون هذا القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع، إن أفضل الصلاة الركوع والسجود، إني لأعلم النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن، سورتين في كل ركعة (٤).

وكان إمامهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم مثالاً حيًا ونبراسًا يحتذى في تأمله القرآن وأثره به، ويكفي أن أسوق لك خبرة مع عبد الله بن مسعود نفسه حيث


(١) سورة محمد، الآية: ٢٤.
(٢) سورة ص، الآية: ٢٩.
(٣) سورة النساء، الآية: ٨٢.
(٤) صحيح مسلم ١/ ٥٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>