للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأصحابه: أيُّ الربا أربى عند الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «أربى الربا عند الله استحلالُ عرض امرئٍ مسلم، ثم قرأ: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} ... الآية (١).

لقد أعلنها رسولُ الهدى صلى الله عليه وسلم صريحةً مجلجلةً: «كلُّ المسلم على المسلم حرام: دمُه، ومالُه، وعرضُه»، بل صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه صعد المنبر فنادى بصوت رفيع قال: «يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يُفض الإيمانُ إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورته، ومن يتَّبعِ الله عورتَهُ يفضَحْه ولو في جوف رَحْلِه» (٢).

وفي «صحيح سنن الترمذي» أن ابن عمر نظر يومًا إلى البيت أو إلى الكعبة فقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمنُ أعظمُ حرمةً عند الله منك (٣).

أيها المسلمون: ما أحوجنا إلى هذا الفهم لقيمة أعراض المسلمين وحرماتهم ... ومن لم يخشَ عقوبة الآخرة فلينتظر عقوبةً معجلةً في الدنيا، فيفضحه اللهُ في جوف رحله، نسأل الله السلامة والعافية؟

قالت أعرابيةٌ توصي ولدها: «إياك والتعرض للعيوب فتُتخذ غرضًا، وخليقٌ ألا يثبت الغرضُ على كثرة السهام، وقلما اعتورت السهامُ غرضًا حتى يهي ما اشتدَّ من قوته» (٤).

وقال الأحنفُ بن قيس رحمه الله: «من أسرع إلى الناس فيما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون».


(١) تفسير ابن كثير: ٣/ ٨٥٤.
(٢) صحيح سنن الترمذي: ٢/ ٢٠٠.
(٣) ٢/ ٢٠٠.
(٤) الحمد: سوء الخلق: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>