للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوبة أحسن من ابتدائها، لأنه انضاف إليها ملازمة الطلب من الكريم والإلحاح في سؤاله، والاعتراف أنه لا غافر للذنب سواه، ثم نقل الحافظ وذلك عن النووي قوله في الحديث أن الذنوب ولو تكررت مائة مرة، بل ألفًا وأكثر وتاب في كل مرة قبلت توبته أو تاب عن الجميع توبة واحدة صحت توبته» وقوله: «اعمل ما شئت» معناه: ما دمت تذنب فتتوب غفرت لك (١).

أيها المسلمون ما أعظم فضل الله: والمرء يمكنه بتوفيق من الله أن يخرج من ذنوبه وأن يتخفف من سيئاته، بملازمة الاستغفار، وهي كلمات يسيرة «أستغفر الله .. أستغفر الله .. » أو نحوها .. ولا شك أن الذي يقولها من قلب حاضر مستشعر لمعناها .. ومعترف بمغزاها يختلف عمن يقولها بلسانه وقلبه مشغول عنها .. وهذا ديدن الذكر كله فهو يحتاج إلى حضور قلب وتعظيم للخالق.

وهناك طريق للتوبة والاستغفار حفظه لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابة الأطهار الذين كانوا يعقلون ما يسمعون، ويعملون بما يعلمون.

فهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه أحد من أصحابه استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وإن أبا بكر رضي الله عنه حدثني- وصدق أبو بكر- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من رجل يذنب ذنبًا فيتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له» (٢).

إخوة الإسلام .. والاستغفار دأب الصالحين، ومنهج الأنبياء والمرسلين،


(١) الفتح ١٣/ ٤٧١، ٤٧٢.
(٢) حديث حسن أهرجه الإمام أحمد وأهل السنن وغيرهم، تفسير ابن كثير ٢/ ١٠٤، ولهذا قال الحافظ ابن كثير: ويتأكد الوضوء وصلاة ركعتين عند التوبة. (السابق ٢/ ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>