للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تكاثر فيها الأعداءُ على المسلمين، فالعدوُّ الخارجي انتهك بلادهم، وقتل وشرد، واستباح حرماتهم، والمنافقون باتوا يجمعون فلولهم وجاؤوا يركضون، وأشغلوا الأمة عن قضاياها المصيرية مع أعدائها بطرح شعارات كاذبة، ودعاوى خبيثة، وفتنٍ مستشريةٍ، هذا مع ما في الأمة من ضعف وخورٍ، وجُبنٍ وهلع، وتبعية ممقوتة، وتشبث بمظاهر كاذبةٍ، وتعلق بأشياء تافهة إلا ما شاء الله، والمؤلمُ إذا سرى في الأخيار منهم داءُ الوهم والوهن، وأصيبوا بالتلاوم والإحباط، وشغلوا بالدنيا عن الدين، أو بالمهاترات والخلافات الممقوتة، وحصروا أنفسهم في دائرةٍ ضيقةٍ ما كان العدوُّ يطمعُ أن يصيروا إليها.

عبادَ الله: ونحتاج لمعرفة هذه المراتبِ من الجهاد في معركتنا المتجددة مع أنفسنا ومع الشيطان، وفي ظل معركةِ الشبهات والشهوات، وفي عالم حرب الفضائيات وغزو القنوات.

ونحتاج للعلم والعمل بهذه المراتب الجهادية لانتشار رقعةِ الفساد، وغربة الإسلام، وموجةِ التقليد، وإعجابِ كلِّ ذي رأي برأيه، وغياب الهدفِ الأسمى للوجود في هذه الحياة عند فئامٍ من المسلمين.

أيها المسلمون: ويستخلص مما مضى أن أعداء الإنسان المأمور بمجاهدتها أربعة: النفسُ، والشيطان، والكفارُ، والمنافقون، وإن هناك حكمةً إلهيةً لتسليط هؤلاء الأعداء على الإنسان، وذلك ليبلوَ الله الصادقين من الكاذبين، ويميز الخبيث من الطيب، ويمتحن الله من يتولاه ورسلَه، عمن يتولى الشيطانَ وحزبه، كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} (١).


(١) سورة الفرقان، الآية: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>