للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال العالمون: ولم يُصبْ من قال إن الآيتين منسوختان، لظنه أنهما تضمنتا الأمرَ بما لا يُطاق، {حَقَّ تُقَاتِهِ} و {حَقَّ جِهَادِهِ} هو ما يُطيقه كلُّ عبدٍ في نفسه، وذلك يختلف باختلاف أحوالِ المكلفين في القدرة، والعجز، والعلم، والجهل، فحقُّ التقوى وحقُّ الجهاد بالنسبة إلى القادر المتمكن العالم شيءٌ، وبالنسبة إلى العاجز الجاهل الضعيف شيء ... وفي قوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} تأكيدٌ على أن الأمر يَسعُ كلَّ أحدٍ، وكلٌّ بحسبه (١).

لا مفرَّ - يا أخا الإيمان - من المسؤولية، ولا مناص عن المشاركة في الجهاد والدعوة ... ولربما فاق درهمٌ ألفَ درهم، وكم من فئةٍ قليلةِ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله، وصدق الله: {إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ} (٢).

فإذا علمت سعةَ مفهوم الجهاد ... وكثرةَ مراتبه ... فسارع إلى المساهمة العاجلة في الخير، وفكّر في أي أبواب الجهاد تثمر، وأعْمِلْ فكرك، وجدِّد في وسائل الدعوة ومشاريعها ... وأرجو أن أعينك بشيء من ذلك مستقبلًا، نفعك الله ونفع بك وسدد سهامك، وأقال عثرتك، وشتَّت شمل عدوِّك وعدوِّ المسلمين، إنه سميع الدعاء.


(١) زاد المعاد: ٣/ ٨.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>