للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخطبة الثانية]

الحمد لله ربِّ العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاةُ والسلام على سائر أنبياء الله والمرسلين.

أيها المسلمون: أما الوقفة الرابعة فهي بين المصائب والذنوب، فمما لا شك فيه ارتباط العقوبات الإلهية بذنوب البشر وانحرافهم، وهذا لا يخص تركيا وما وقع فيها، بل يعم كلَّ أرضٍ ويشمل جميع البشر، وتلك سنةٌ إلهية مضت وتتكرر ليتعظ الناس ويصلحوا أحوالهم: {وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ} (١).

يقول تعالى مؤكدًا هذه السنة: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (٢)، ويقول جلّ ذكره: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (٣)، وقال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا} (٤)، إلى غير ذلك من نصوصٍ تُخَوِّفُ المسلم من آثار المعصية وتحسسه بارتباط العقوبة بالذنب، وتنذره قبل يوم الحساب.

الوقفة الخامسة: إذا كثر الخبث ... والسؤال المطروح: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث» وفي الحديث: «إن الناس إذا رأوا الظالمَ ثم لم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمَّهم اللهُ بعقاب من عنده»، ومن هنا تأتي قيمةُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة للخير ومحاربة الفساد، وكشف أوكار المفسدين حتى لا تغرق السفينة ويتساقط الأبرار مع الفجار، عن


(١) سورة يونس، الآية: ١٠١.
(٢) سورة الشورى، الآية: ٣٠.
(٣) سورة هود، الآية: ١٠٢.
(٤) سورة الإسراء، الآية: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>