للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يُقاتِلَ آخِرُهُم المسيحَ الدّجالَ» (١).

فإن لم يكن فالعزلةُ والفِرارُ بالدين، حتى يموت المسلمُ دون الفتن ولو عضّ على أصلِ شجرة.

٥ - الرّكونُ إلى العلم والتثبّتُ من الأخبار، وعدمُ الخوضِ بالباطل، أو اعتبارُ القصصِ الواهيةِ والشائعاتِ أساسًا للحُكمِ والتقييم.

أجل، إنَّ العلماءَ الرَّبانيين أبعدُ الناس وقوعًا في الفتن، يحفظُهمُ اللهُ بالعلم النافع، وفي «صحيح البخاريِّ» عن أبي بكرةَ رضيَ الله عنهُ قال: لقد نفعَني اللهُ بكلمةٍ سمعْتُها من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أيامَ الجَمَلِ بعد ما كِدْتُ أنْ ألحقَ بأصحابِ الجَملِ فأُقاتلَ معهم، قال: لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهلَ فارسَ قد ملَّكوا عليهم بنتَ كسرى قال: «لن يُفلحَ قومٌ وَلّوْا أمْرَهم امرأةً» (٢).

وبالعلم النافع يميز المرءُ بين الحقِّ والباطل، وسُلطةُ الشيطان على العلماء أقلّ من سُلطتِه على العوامّ والجَهلةَ؛ فهو يتلاعبُ بهؤلاء وتسقط حِيَلُه عند عَتَباتِ العلم والعلماء، وصدق الله: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٣). {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (٤).

إن التثبتَ من الأخبار من سِيما العلماءِ، أما التخوُّضُ في الباطل واعتمادُ أخبارِ الفاسق، والاتّكاءُ على القصص والحكاياتِ الغريبةِ؛ فذلك شأنُ الجهلةِ الذين يطيرون بأيِّ خَبَرٍ يسمعونَه، وتأملوا قولَ ابنِ عمرَ رضيَ الله عَنهما في انتشارِ القصصِ


(١) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما .. وهو من روايات الطائفة المنصورة (انظر سلمان العودة صفة الغرباء ١٤٨).
(٢) أخرجه خ (٤٤٢٥) و (٧٠٩٩)، أحمد (٥/ ٤٣، ٤٧، ٥١).
(٣) سورة الزمر، الآية: ٩.
(٤) سورة المجادلة، الآية: ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>