للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل يا تُرى ينشطُ المسلمون للدعوة في كلّ زمانٍ، ويشتد نشاطُهم للدعوة في أزمان الفتنِ لشدةِ الحاجة لدعوتِهم؟

٨ - وفي سبيل النجاةِ من الفتن لا بد من تحرير مصطلَحِ الفتنة ووضْعِه في موضعِه الشرعيِّ، كما جاءتْ به نصوصُ الكتابِ والسُّنةِ، وكما فَهمَه سَلَفُ الأُمةِ .. ولا ينبغي أن يكونَ مصطلحُ الفتنةِ كلًا مباحًا لكلِّ ناعقٍ .. أو بضاعةً مُزجاةً يُطلقها الجهالُ كيف شاءوا وعلى من شاءوا .. أو متنفَّسًا لأهلِ الأهواءِ يرمون بها مَن خالفهم ولو كان محقًّا.

إن الاختلاطَ في مفهومِ الفتنةِ قد يجعلُ من الحقِّ فتنةً، وقد يُصوِّرُ أهلَ الحقِّ أصحابَ فتنةٍ، وبالعكس فقد يَظهَرُ الباطلُ بصورةِ الحقِّ، وقد يُلمَّعُ المنافقُ فيقال: ما أظرفَه! وما أحسنَ مَنْطِقَه! وإن كان رصيدُه من الإيمان قليلًا .. ومن الخُبثِ والفجور كمًّا كبيرًا .. والعالِمون بكتابِ اللهِ وسنةِ رسولِه صلى الله عليه وسلم هم القادرون على ضبطِ مصطلحِ الفتنةِ وتحديدِ هُويّة أهلِ الفتن.

إخوة الإيمان:

٩ - والرفقةُ الصالحةُ معينةٌ على تجاوز الأزَماتِ والفتنِ، ولقد أوحى اللهُ إلى نبيِّه صلى الله عليه وسلم - فيما أوحى - {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (١).

وليس عَبَثًا أن يقولَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لا تُصاحِبْ إلا مؤمنًا، ولا يأكلْ طعامَكَ إلا تقيٌّ» (٢).


(١) سورة الكهف، الآية: ٢٨.
(٢) رواه أبو داود والترمذي بسند صحيح: صحيح سنن أبي داود ٣/ ٩١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>