للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوة الإسلام: وتردّدت عباراتُ السّلَفِ في وصفِ المُغنيّن بأوصافٍ مُشينة، فمرةً يُوصَفون بالسّفَه، ومرةً بالفسوق، فالإمامُ مالك رحمه الله قال حين سُئِلَ عن الغناء في المدينة: إنما يفعلُه عندنا الفُسّاق (١).

وعن القرطبي قال: الاشتغالُ بالغناء على الدّوام سَفَهٌ تُرَدّ به الشهادةُ (٢).

عبادَ الله: وعن أثر الغناءِ على القلوبِ قال شيخُ الإسلام ابنُ تيميةَ رحمه اللهُ: «ومَن كان له خبرةٌ بحقائقِ الدِّين وأحوالِ القلوبِ، ومعارِفِها وأذواقِها ومواجيدِها، عَرَف أن سماعَ المُكاءِ والتّصْديةِ لا يَجلبُ للقلوبِ منفعةً ولا مصلحةً، إلا وفي ضمن ذلك من الضّررِ والمفسدةِ ما هو أعظمُ منه، فهو - الغناء - للروح كالخمرِ للجسد، يفعل في النفوسِ فِعْلَ حُميا الكؤوس، ولهذا يُورّث أصحابَه سُكرًا أعظمَ من سُكر الخمر، فيجدون لَذّةً بلا تمييز، كما يجدُ شاربُ الخمر، بل يحصل لهم أكثرُ وأكبرُ مما يحصل لشاربِ الخمرِ، ويصدُّهم عن ذِكْرَ اللهِ، وعنِ الصلاة أعظمَ مما يَصُدُّهم الخمرُ، ويُوقع بينهم العداوةَ والبغضاءَ أعظمَ من الخمر، حتى يَقتلَ بعضُهم بعضًا من غير مَسٍّ بيدٍ، بل بما يقترن بهم من الشياطين (٣).

إخوة الإيمانِ: ومَن يقرأُ أو يسمعُ عن حياة ما يُسمّى (بالوسطِ الفني) يجدُ هذه الآثارَ .. ويسمعُ عن بعضِ حفلاتِهم من الاختلاطِ مع النساءِ .. واختلاطِ المسلم بغيرِه من الكُفَّار والفُسّاق .. وما يُسمّى بالليالي الحمراءِ، وكلُّها صَخَبٌ وكأسٌ وغانيةٌ، إلى غير ذلك من ممارساتٍ لا أخلاقيةٍ، يتعفّفُ القلمُ عن ذِكْرها وتُنزَّه بيوتُ اللهِ من التصريحِ بها .. وكلُّ ذلك شاهدٌ على آثارِ الغناءِ وتأثيره على متعاطِيهِ .. ممّا نسألُ اللهَ لنا ولإخواننا المسلمين السلامةَ منه {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ


(١) تفسير القرطبي ١٤/ ٥٥.
(٢) السابق ١٤/ ٥١.
(٣) الفتاوى ١/ ٥٧٣، ٥٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>