للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأجرِ ما يُكفّرُ اللهُ به السيئاتِ ويمحو الخطيئاتِ .. أفلا يدعونا ذلك إلى الاستعانةِ باللهِ على عَقْدِ العزمِ على التوبةِ، فإن التوبةَ وظيفةُ العمر، وبدايةُ العبدِ ونهايتُهُ، وأولُ منازلِ العبودية، وأوسطُها، وآخرُها (١).

٦ - وفي الحجّ يعلو مقامُ التوحيد لله وترتفعُ أسهُمُه .. ألا ترى الحاجَّ يبدأ به مُلبيًا لله وحده، نافيًا للشُّركاءِ معه، معترفًا لله وحدَه بأنعُمِه (لبيك اللهمّ لبيكَّ، لبيك لا شريكَ لك لبيك، إن الحمدَ والنعمةَ لك والمُلك). وهكذا حين يطوف بالبيتِ معظّمًا لله، متذكّرًا أساسَ التوحيد الذي بُني البيت له: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا} (٢). وهكذا حين يسعى بين الصفا والمروةِ يستيقنُ أن الغوثَ وكشفَ الكُروبِ لا يقدرُ عليه إلا اللهُ، فهو الذي رحم أُمَّ إسماعيل، وأنبعَ لها ماءَ زمزمَ حين بلغ بها الكربُ نهايتَه، وهكذا في سائرِ المواقفِ والأحوالِ، فلا كاشفَ للكروبِ ولا مُغيثَ إلا اللهُ: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ} (٣)، {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} (٤).

أجل؛ لقد طهّر الخليلُ عليه السلامُ البيتَ الحرامَ من الأصنام، وجاء ابنُه من بعدِه محمدٌ صلى الله عليه وسلم ليُجدِّدَ تطهيرَ البيتِ، فقد حطَّمَ - حين فتحَ مكةَ - ستين وثلاثمائة صنمًا كانت تحيطُ بالكعبة.

وحين يكون تحطيمُ الأصنامِ سنةً نبويةً، فَمن حطّم الأصنامَ مِنْ بعدُ، سواء في مكةَ أو في غيرِها، فهو سائرٌ على سُننِ المرسلين، وهو واجدٌ العونَ والمددَ من ربّ العالمين.


(١) محمد الحمد «التوبة» ص (٣).
(٢) سورة الحج، الآية: ٢٦.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٧.
(٤) سورة النمل، الآية: ٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>