للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى من اتهم في دينه أو عرضه بغير حق أن يصبر ويحتسب، ويتجرد عن حظوظ النفس والهوى، وأن يقوم بالقسط والعدل كما أمر الله {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنئان قوم على ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون} (١).

وينبغي أن يستقر في أذهان المسلمين أن الخلاف في الرأي دون هوى ليس مسوغًا للفرقة والاختلاف وملغيًا لحقوق إخوة الإسلام، وتأملوا هذه اللفتة الطيبة عن الإمام الشافعي: يقول يونس الصدفي: ما رأيت أعقل من الشافعي ناظرته يومًا في مسألة ثم افترقنا ولقيني فأخذ بيدي ثم قال: يا أبا موسى ألا يستقيم أن نكون إخوانًا وإن لم نتفق في مسألة.

ثم يعلق الذهبي على ذلك ويقوله: قلت: هذا يدل على كمال عقل هذا في ما- وفقه نفسه، فمازال النظراء يختلفون (٢).

فهل يفقه المسلمون أدب الخلاف، وهل يتقون الله حين الاتفاق أو الاختلاف، وهل يلتفت العقلاء إلى خطط الكافرين وموائد المنافقين، وأطماع اليهود والنصارى والمجوس والمشركين فذلك أولى وأحرى من تصويب السهام في صدور المسلمين، والحط من قدر العلماء والدعاة المجتهدين .. إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .. والموفق من وفقه الله والمعصوم من عصمه الله .. اللهم اعصمنا من الزلل وطهر قلوبنا وألسنتنا من الغل والحقد والكذب.


(١) سورة المائدة، الآية: ٨.
(٢) السير ١٠/ ١٦، ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>