للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو الربح ظاهرًا بلا ثمن، وهو المغنم في الدنيا والآخرة بلا عناء، هو التجارة الرابحة يملكها الفقراء كما يملكها الأغنياء على حد سواء، يتفاوت الناس في هذه العبادة بين مقل ومستكثر، بين حاضر القلب، وشارد الذهن، بين خاشع متأمل لما يقول وبين قاس القلب لا يتأثر ولا يلين وهو طريق للفلاح في الآخرة، وهو سبب من أسباب السعادة في الدنيا بإذن الله ذلكم هو الدعاء، بل هو العبادة، كما قال عليه الصلاة والسلام: «الدعاء هو العبادة» (١).

قال الله تعالى: {وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} (٢).

فالآية في بدئها تسمية الدعاء، وفي نهايتها أطلق عليه العبادة، مما يؤكد لك أهمية الدعاء، وكونه هو العبادة.

وإذا كان الله يصف الراغبين عن الدعاء بالاستكبار كما في الآية السابقة، فاعلم أخي المسلم- أن ليس شيء أكرم على الله من الدعاء، كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه بسند حسن (٣) - يا أخا الإسلام أترغب أن توصف بالعجز والكسل، وهل علمت أن المقصر في الدعاء من أعجز الناس بقول الرسول صلى الله عليه وسلم «أعجز الناس من عجز عن الدعاء وأبخل الناس من بخل بالسلام» (٤).

لقد أمر الله المسلمين بالدعاء ووعدهم بالاستجابة، وهل بعد ذلك من كرم، فقال أكرم الأكرمين: {وقال ربكم ادعوني استجب لكم}، لكنها الاستجابة


(١) قال الترمذي: حديث حسن صحيح (الأذكار/ ٣٣٣).
(٢) سورة غافر، الآية: ٦٠.
(٣) الأذكار للنووي/ ٣٣٣.
(٤) رواه الطبراني في الأوسط، والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح (صحيح الجامع ١/ ٣٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>