للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل قال هرقلُ لعظماء الرومِ من بني قومِه: هل لكم في الفلاح والرُّشد، وأن يُثبَّتَ ملكُكم فتبايعوا هذا النبيَّ؟

ومع ذلك كلِّه، فقد ظل هرقلُ وعظماءُ الروم على نصرانيتِهم الباطلةِ وحاربوا الدّينَ الحقَّ .. وكانت معركةُ (مؤتة) بين المسلمين والنصارى والرسولُ صلى الله عليه وسلم لا زال حيًا .. ثم استمر النصارى في صراعٍ مع المسلمين حتى قضوا على دولتِهم وملكوا موضعَ قدمَي هرقلَ، وغادر الشامَ منهزمًا أمام جند المسلمين، وهو يقول: «سلامٌ عليكِ يا سوريةَ لا لقاءَ بعدَه».

واليوم، ومع ضعفِ المسلمين وغَلبةِ أهلِ الكتابِ غلبةً ماديةً .. لا نشكُّ أنه يوجدُ من أهل الكتابِ من يعلمُ الحقَّ الذي يمتلكُه المسلمون وإنّما كتمانُ الحقِّ يتكررُ ويتجددُ بين أهل الكتابِ، ولكن مهما طال ليلُ الظالمين فستنكشفُ الحقيقةُ، وينبلجُ الصبحُ مؤذنًا بنصرةِ الحقِّ وأهلِه، وهزيمةِ الباطلِ وأنصارِه .. ولكن ذلك كذلك مرهونٌ بنصرةِ المسلمين لدينهم وثبَاتهم على حقِّهم وتمسُّكِهم بعقيدتهم {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (١)، {وَكَانَ حقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢)، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (٣).

إنّ كُتَبَ أهل الكتابِ - التي لم تُحرّفْ - تشهدُ على هذه الحقيقةِ، وتعترفُ بحقِّ المسلمين، وباللعنةِ والغضبِ على اليهود والنصارى .. وقديمًا أُقيمت الحجةُ على أهل الكتابِ من خلال كتبهم، وتحدّاهم الرسولُ صلى الله عليه وسلم بقوله تعالى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} (٤)، ثم ظهرت بعد قرون من وفاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم كتبٌ تردُّ على النصارى في دعواهم، وتكشفُ ما في كتبهم من تحريفٍ ومغالطات وتَستدلُّ بما لم يُحرَّفْ منها على الحقِّ الذي جاء به الرسولُ صلى الله عليه وسلم ..


(١) سورة محمد، الآية: ٧.
(٢) سورة الروم، الآية: ٤٧.
(٣) سورة الرعد، الآية: ١١.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>