للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصنع شيئًا إلا أن تُهيِّج ذلك السُّعار الحيوانيَّ المجنونَ، وإلا أن يَفْلِتَ زِمامُ الأعصابِ والإرادةِ، فإما الإفضاءُ الفوضويُّ الذي يضع النطفةَ في غير موضِعها، وإما الأمراضُ العصبيةُ والعقد النفيسةُ الناشئةُ من الكبح بعد الإثارة (١).

وما أعظم توجيه الخبير: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فَرُوجَهُنَّ} (٢) الآية.

عباد الله: ومهما أطنبَ الخطباءُ، أو تحدث العلماءُ عن النظرة المحرَّمة وآثارِها، وعن حفظِ الفروج وسُبِلِها، فلن يبلغوا مبلغَ القرآن في دقّةِ تعبيرِه، وإيجازِ كلماتِه .. والخطابُ فيه للرجل والمرأة جميعًا.

إن التحذيرَ من آثار النظرةِ، والأمرَ بغضِّ الأبصار، وحفظِ الفروج، تتأكدُ الحاجةُ إليه في زمنٍ بات المسلمُ مبتلًى بما يرى مِنْ مشاهدَ مثيرةٍ، فالأفلامُ والصورُ الهابطةُ تغزو البيوتِ، والنساءُ الكاسياتُ العارياتُ تمتلئُ بهن الأسواقُ والمجمّعاتُ العامة، وسلطانُ الحياءِ قلّ عند بعض الرجالِ والنساء، ولباسُ الحشمةِ صار أمرًا مستغرَبًا عند بعضِ النساءِ، والحجابُ بات عند بعضهنّ عائقًا عن الحياة مقيِّدًا لحركة المرأةِ - زعموا - وراموا نشرَ الرذيلةِ باسم الحريةِ والتبعيةَ باسم التقدمِ! !

وصنفٌ آخرُ من النساء بات الحجابُ عندهم فنًّا للزينةِ، تعرضُه اليومَ بشكلٍ، ثم تختار غدًا شكلًا آخر، وهكذا، ولم يعدِ الحجابُ حجابًا مشروعًا .. بل


(١) سيد قطب، في ظلال القرآن ١٨/ ٢٥١١.
(٢) سورة النور، الآيتين: ٣٠، ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>