للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن مما لا شك فيه أن المسلمين - قديمًا وحديثًا - يتفاوتون في مراتبِ الإيمان؛ فهناك من هُم في الذروة من الإيمانِ، وهناك من هم في أدنى درجات الإيمان، وهناك طائفةٌ في الوسط بين هؤلاء وأولئك، ولكن الجميع تجمعهم رابطةُ الإسلام، وحسابُهم على الله، وما لم يخرجِ المسلمُ من الملةِ، فإن له حقًّا في الموالاةِ على قدرِ إيمانِه.

وما من شك كذلك أن الفِرقةَ الناجيةَ من خيرةِ المسلمين، وهم أهلُ السُّنةِ والجماعةِ الذين قالوا وعملوا بالكتابِ والسُّنة.

ولكن دائرةَ المؤمنين تتسعُ لتشملَ غيرَ الفرقةِ الناجيةِ من عُصاة المسلمين ومن وُجدَ عندهم نوعُ انحراف .. لكنهم في دائرةِ الإسلام .. وهذا ما نص عليه الشيخُ ابنُ تيميةَ رحمَه اللهُ حين قال: «وإذا قال المؤمنُ: ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، يَقْصدُ كلّ من سبقَه من قرونِ الأمةِ بالإيمان، وإن كان قد أخطأ في تأويلٍ تأوَّلَه فخالف السُّنةَ، أو أذنب ذنبًا، فإنه من إخوانه الذين سبقوه بالإيمان، فيدخلُ في العموم، وإن كان من الثنتين والسبعين فرقةً، فإنه ما من فرقةٍ إلا وفيها خلقٌ كثيرٌ ليسوا كفارًا، بل مؤمنون فيهم ضلالٌ وذنبٌ يستحقونَ به الوعيدَ كما يستحقُّه عصاةُ المؤمنين» (١).

إخوةَ الإسلام وفي سبيلِ الائتلاف بين المسلمين أرشدَ العلماءُ إلى عددٍ من القواعدِ والآدابِ لا بد من مراعاتِها والوقوفِ عندها، ومنها:

١ - أنهم لا يُخرجونَ مسلمًا من الملَّةِ إلا بتوفُّر الشروط وانتفاءِ الموانع.

٢ - ويرون أن الخطأ في الحكمِ بالإيمان أهونُ من الحكمِ بالكفر.

٣ - وهم يتحفظونَ ويتحوَّطونَ أكثر عند تكفيرِ فردٍ بعينِه أو لعنِه.


(١) منهاج السنة ٥/ ٢٤٠، ٢٤١، عن فقه الائتلاف (١٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>