للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعهم مائة ألف أدهم (فرس) سوى بقية الألوان، فلما رأى ذلك فرعون هاله البحر وأحجم وهاب وهم بالرجوع وهيهات ولا حين مناص، نفذ القدر واستجيبت الدعوة، وجاء جبريل على فرس وديق حائل (ويقال إنه لم يكن في خيل فرعون فرس أنثى، ويقال أن جبريل جاء في صورة هامان وقال له: تقدم، ثم خاض البحر فتبعهما حصان فرعون وميكائيل يسوقهم لا يشذ منهم أحد (١) ولم يبق فرعون يملك من نفسه شيئًا فتجلد لأمرائه، وقال لهم: ليس بنو إسرائيل بأحق بالبحر منا. فاقتحموا كلهم عن آخرهم، فلما اجتمعوا فيه وتكاملوا، وهو أولهم بالخروج منه أمر الله القدير البحر أن فارتطم عليهم، فارتطم فلم ينج منهم أحد، وجعلت الأمواج ترفعهم وتخفضهم، وتراكمت الأمواج فوق فرعون وغشيته سكرات الموت فقال وهو كذلك {آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} فآمن حيث لا ينفعه الإيمان {فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنة الله التي قد خلت في عباده وخسر هنالك الكافرون} (٢).

وهكذا قال الله تعالى في جواب فرعون حين قال ما قال {آلان وقد عصيت قبل} أي أهذا الوقت تقول وقد عصيت الله قبل هذا فيما بينك وبينه {وكنت من المفسدين} (٣).

إخوة الإسلام هذا الذي حكاه الله عن فرعون في حاله ذاك من أسرار الغيب التي يعلم الله بها رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم فلم يسمعها، بل ربما لم يسمعها أحد من خلقه بقي على الحياة بعد فرعون، ولكن جبريل وقد حضر الواقعة وسامع


(١) تفسير القرطبي ٨/ ٣٧٧.
(٢) سورة غافر، الآية: ٨٤، ٨٥.
(٣) تفسير ابن كثير ٤/ ٢٢٦، ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>