للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبادَ اللهِ: وحينَ نتحدَّثُ عنْ آثارِ لغةِ القوةِ والغطرسةِ والكبرياءِ، وندعُو للمفاهمةِ والعدلِ والرحمةِ والرأفةِ، فدِينُنا أساسًا يُعلِّمُنا هذهِ القِيَمَ، ويدعُونا إلى تمثُّلِها في واقعِ الحياةِ.

أجلْ، إنَّ منَ التوجُّهاتِ الربّانيةِ لمعلِّم البشريةِ وقائدِ سفينةِ الإسلامِ: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (١) ومنها: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} (٢).

ولعبادِ اللهِ كلِّهمْ جاءتِ الوصيةُ منَ السماءِ: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ} (٣)، وإذا كانتِ الوصيةُ بحُسنِ العبارةِ في القولِ، فالوصيةُ بغيرِها منَ الأفعالَ منْ بابِ أَولى.

إخوةَ الإسلامِ: إنَّ من علائمِ السعادةِ في المجتمعاتِ أن تسودَها الرحمةُ، فالراحمونَ يرحمُهمُ الرحمنُ .. وحينَ تُنزَعُ الرحمةُ منْ أمّةٍ أوْ مجتمعٍ أوْ فردٍ فتلكَ علامةُ الشقوةِ، ففي الهَدْيِ النبويِّ: «لا تُنزعُ الرحمةُ إلا منْ شقيٍّ» (٤).

ومفهومُ القوةِ في الإسلامِ ليسَ استعراضًا للعضلاتِ بغيرِ حقٍّ، وليسَ تدميرًا بلا هدفٍ، بلْ هُوَ ضبطٌ للمشاعرِ وتحكُّمٌ في القوةِ، وصرفٌ للطاقةِ في وجهِها المشروعِ، وقد عبَّرَ الرسولُ صلى الله عليه وسلم عنْ شيءٍ من هذا بقولهِ: «ليسَ الشديدُ بالصُّرَعةِ، وإنما الشديدُ الذي يَملكُ نفْسَه عندَ الغضبِ».


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٩٩.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٥٩.
(٣) سورة الإسراء، الآية: ٥٣.
(٤) حديث حسن: «جامع الأصول» ٤/ ٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>