للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبةُ الثانية:

إخوةَ الإسلام: وحين نُورِدُ هذه النصوصَ وتلك الرُّؤَى لعلماءَ ربانيين .. لَنؤكِّدُ من خلالِها على قيمةِ الأمر بالمعروفِ والنهيِ عن المنكر والدعوةِ لدين الله .. وإذا كان ذلك مطلَبًا في كلِّ الأحوال والظروف فالأمرُ يتأكَّدُ في أزمانِ الفتن، وعلى حينِ غفلةِ الناس وانشغالِهم عن الأمرِ والنهي والدعوةِ وبذْلِ الخير.

ونؤكِّد ذلك كذلك لأن أزمانَ الشدائدِ والنوازِل فرصةٌ لأصحاب الرِّيبِ وأهلِ الأهواء، وأصحابِ الشهوات .. لينطلقوا بباطلِهم وخُبْثِهم مُستغلِّين غفلةَ الناسِ عنهم بأحداثٍ نازلةٍ بهم، ومن هنا فلا بدَّ من التنبهِ والعمل والدعوةِ والأمرِ بالمعروف والنهي عن المنكر ومحاصرةِ المُبْطِلين .. وكلُّ مسلمٍ على قَدْرِ طاقتهِ وجهدِه، ويكفيه أن يستشعرَ أنه على ثغرةٍ من ثغراتِ الإسلام، فاللهَ اللهَ أن يُؤتَى الإسلامُ من قِبَلِه، وليحذرْ أن يتسللَ الأعداءُ من ثغرِه.

عبادَ الله: ومَن قرأَ التاريخَ بعنايةٍ وتمعَّن بالذاتِ في السيرةِ النبوية وجدَ أن المنافقين وأهلَ الريب يتربَّصون بالمسلمين الدوائرَ في كلِّ حين، ولكنهم يَنشَطُون أكثرَ في الأوقاتِ العصيبةِ على المسلمين، يُرجِفون ويتَّهمون، ويَسخَرُون ويتشَفَّوْن .. ومواقفُهم في غزوة (أُحدٍ) و (الأحزاب) و (المُريسِيع) و (تبوكَ) خيرُ شاهدٍ على ما نقول.

أجل، لقد فَضَحَهم القرآنُ في (أُحد) بقوله تعالى: {وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} (١).


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>