للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الابنَ جزءٌ من أبيه)) (١). تعالى اللهُ عما يقولُ الظالمون علوًا كبيرًا)).

وهذا كلُّه لا يعني إغفالَ دعوتِهم لكنه بيانٌ لحقيقةٍ كامنةٍ عندهم، وتوجيهٌ لأسلوبِ التعامل معهم.

أيها المؤمنون: إن القرآن مَورِدٌ لا يَنضَب، وقد كشفَ اللهُ للمؤمنين بالوحي خصائصَ وطبائعَ الأجدادِ ليُعلِّمَ المسلمين كيف يتعاملون مع الأحفادِ من اليهود، وهنا يمكنُ القولُ بأنَّ القرآنَ خاطبَ يهودَ البعثةِ بجرائمِ آبائِهم وأجدادِهم، وعَرَضَ لممارساتِهم مع النبوةِ، ونكولِهم عن العهدِ، وتحريفِهم للكَلِم، وكَنزِهم للذهبِ والفضة، وإشاعتِهم للربا، والإيمانِ ببعضِ الكتاب والكفرِ ببعضِه، وادِّعائِهم بأنهم أبناءُ اللهِ وأحبّاؤُه - إلى آخر صفاتِهم - مع أنَّ المسؤوليةَ في الإسلامِ فرديةٌ، فلا يُحمَّلُ الأبناءُ تَبِعَةَ وأوزارَ الآباء {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢) ولكنَّ الحكمَ - والله أعلم - في إيراد هذه النماذجِ والانحرافاتِ السابقةِ لليهود .. للتأكيدِ على أنَّ هذه الصفاتِ والخصائصَ متأصِّلةٌ ومتوارثةٌ من الآباءِ إلى الأبناء، إلى درجةٍ أصبحتْ وكأنها جِبلَّةٌ لا ينفكُّ عنها يهودُ، وستَصدقُ على الأحفادِ كما مارسها الأجدادُ، بل سوف تستمرُّ وتبقى هذه الخصائصُ منحدرةً في نسلِ اليهود، خالدةً مع الزمن، متجدِّدةً عبرَ الأحداثِ والصراعات .. ما بقي اليهودُ. ونحن اليومَ نشهدُ على استمرارِ هذه الخصائصِ عند يهودَ (٣).

عبادَ الله: وإذا كان أهلُ القرآنِ لا يشكُّون في عداوةِ اليهودِ والنصارى


(١) السابق ١/ ١٣٨.
(٢) سورة فاطر، الآية: ١٨.
(٣) اليهود والتحالف مع الأقوياء/ نعمان السامرائي ص ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>