للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويفرحُ المسلمون بشهرِ رمضان حيثُ للدعاءِ فيه سهمٌ ومكانةٌ لا تخفى، كيف لا وآيةُ الدعاءِ في قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (١). جاءتْ على إثرِ آياتِ الصيام وشهرِ رمضانَ.

وإذا كان بعضُ المسلمينَ يجهلُ قيمةَ الدعاء، أو لا يقدِّرُ الدعاءَ حقَّ قدرِه .. فَثمَّة طوائفُ من أعداءِ هذا الدِّينِ - قديمًا وحديثًا - يُخِيفُهم الدعاءُ، ويتحاشَوْنَ دعاءَ المسلمين .. فهل يستثمرُ المسلمون شهرَ الصيام للدعاءِ لهم ولإخوانِهم المسلمين وعلى أعدائِهم من اليهودِ والنصارى والمشركين والمنافقين؟

هل يُلِحُّ الصائمُ على ربِّه في إصلاح قلبِه وفي حفظِ دينِه وأمانتِه في وقتٍ باتَتِ الفتنُ تَتْرَى على المسلمين، وبات التحدي العَقَدي يمثِّلُ منعطفًا واضحًا في حياة الأمم والشعوب، نعم إنَّ أحداثَ اليوم تقولُ للمسلم بلسانِ حالها ومقالِها: إن اليهوديَّ يتحمَّسُ لديانتِه، ويناضلُ من أجلِها، بل ويقتلُ ظلمًا وعدوانًا من يخالفُه عليها، وإن النصرانيَّ والبُوذيَّ وأضرابَهم كذلك، فأين يكون موقعُ المسلمِ صاحبُ الدِّينِ الحقِّ، وصاحبُ القِسْطاسِ المستقيم؟

أيظلُّ المسلمون في لَهْوِهم وغفلتِهم سادرون، والأعداءُ يَنهَشُون في أطرافِهم، وكلما أجهزوا على فئةٍ اتجهوا للأخرى .. وهكذا؟

إنَّ أخشى ما يخشاه أعداؤنا أن تحيا فينا مشاعرُ الإسلام الصادقةِ والمنضبطةِ والمُلْجَمة بلجامِ الشرع .. والمنبثقةِ من هَدْي القرآن وتعاليمِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

ولذا تردَّدَ الحديثُ عن إيقافِ الحَمَلاتِ العسكريةِ في شهر رمضان أَترونَ ذلك احترامًا لمشاعرِ المسلمين وتقديرًا لقُدْسيةِ شهرِ رمضان؟ فأين تقديرُ الحُرْمةِ للدماءِ المسلمة، وأين المشاعرُ النبيلةُ وأطفالُ المسلمين يموتون جوعًا أو قَصْفًا


(١) سورة البقرة، الآية: ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>