للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا إيذاءٌ بالبُهْتِ والتحريف، وأما العاقبةُ فتكونُ للمؤمنين)). أهـ (١)

وقد يُقال: إن هذا وعدٌ من اللهِ لرسولِه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه، وفي الآية معجزةٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، لأن مَن قاتَلَه من اليهودِ ولّى دُبُرَه (٢).

ولكنَّ النصرَ للمؤمنين والعاقبةَ للتقوى، والغلبةَ لجُندِ الله جاءت مؤكَّدةً في آياتٍ آُخَر .. والعبرةُ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السبب، ولكن بشرطِ توفُّرِ الإيمان، ووجودِ المؤمنين.

وينبغي أن يُعلَمَ أنَّ هذا الأذى الواقعَ على المسلمين من عدوِّهم ليس هو شرًّا دائمًا، بل هو في كثير من الأحيانِ خيرٌ كما قال تعالى: {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} (٣)، وكما قال تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} (٤).

ثالثًا: هزيمةُ الأعداءِ للمسلمين عسكريًا ليست هي المشكلةَ، وتفوُّقُهم عليهم في السلاحِ والعَتادِ ليست وسيلةً لتخاذُلِهم ولا مبرِّرًا لقعودِهم .. وما فَتِئَ المسلمون - عبرَ العصور - يَغلِبون ويُغلَبون، ولكن الهزيمةَ المرَّةَ حين يُهزَمون من داخلِ نفوسِهم، فيضعفُ الإسلامُ في نفوسِهم، وتُحِيط بهم الشكوكُ، وتستحوِذُ عليم الشبهاتُ والخواطرُ السيئة .. هزيمةُ المسلمين حين يتشكَّكون في باطلِ الأعداء وأنَّ مصيرَهم إلى النار، أو أنهم يُعجِزون اللهَ، واللهُ يقول ويحكم: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ} (٥) ويقول: {ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ


(١) الجامع لأحكام القرآن ٤/ ١٧٣، ١٧٤.
(٢) السابق ٤/ ١٧٤.
(٣) سورة النور، الآية: ١١.
(٤) سورة النساء، الآية: ١٩.
(٥) سورة الأنفال، الآية: ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>