للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يزيدُ الجرحَ أَلمًا .. أن الأُمةَ وسطَ هذه المِحَن والبلايا تُشغَلُ بقضايا داخلية أُخرى، تَشُلُّ تفكيرَها، وتجتزئُ قدرًا كبيرًا من طاقتِها، ثم تظلُّ ترقِّعُ في خروقِ أبنائها، وتُرمِّم التصدعَ الحاصلَ في جدرانِ بيوتها ..

ولا كثَّر اللهُ من نفرٍ يُعوِّقون الأمةَ، ويَشغَلُونها عن القضايا الكبرى، حقًا إنك لتعجَبُ حين تقرأُ أو تسمعُ عن تظاهراتٍ في (بروكسل) و (لاهاي) و (برلين) ونحوها، تُندِّد بالممارساتِ اليهودية ضدَّ شعبِ فلسطينَ، ثم ترى أو تقرأُ ذهولًا عن القضيةِ برمَّتِها في عددٍ من البلادِ الإسلامية، وانشغالًا عند المسلمين بقضايا أو فِتَنٍ داخلية شَغَلَهم بها المعوِّقون والمُرِجفون، وكلما خَبَتْ فتنةٌ أشعلوا أخرى، وهكذا ..

ولكنَّ محمدًا صلى الله عليه وسلم حين شُغِل فَزِعَ إلى ربِّه بالدعاء قائلًا: «شَغَلُونا عن صلاةِ العصرِ ملأ اللهُ قبورَهم وبيوتَهم نارًا» متفق عليه.

أفلا يتذكَّرُ هؤلاء وأولئك كم يُعوِّقون الأُمةَ، وكم يَصرِفُون من طاقتِها .. فأين هم من دعاوَى: وَعْيِ الأُمة، والتقدُّم بها، خابُوا وخَسِروا، وأفلحَ وأنجحَ من جاهدَ الكافرين والمنافقين جميعًا، ذلك مقتضى توجيهِ كتابِ ربِّنا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (١).


(١) سورة التوبة، الآية: ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>