للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَن يخرق السفينة؟ (١)

الخطبةُ الأولى:

الحمدُ للهِ يَهدي مَنْ يشاءُ، ومَنْ يُضلِلِ اللهُ فما لهُ منْ هادٍ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، كَتَبَ الفناءَ على هذهِ الدنيا، والخلودَ في دارِ النعيمِ والجحيمِ في الأُخرى، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُهُ، أَمَرَ ونَهى ونصحَ وجاهدَ، وتركَ الأمةَ على مَحجَّةٍ بيضاءَ، اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى سائرِ الأنبياءِ والمرسَلينَ، ورضيَ اللهُ عنْ صحابتهِ أجمعينَ والتابعين ومَنْ تبعَهمْ بإحسانٍ إلى يومِ الدينِ.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (٢).

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (٣).

أيُّها المسلمونَ: نحنُ في هذهِ الحياةِ في مركبٍ واحدٍ، وكلُّنا مسؤولٌ عنْ سلامةِ هذا المركبِ، ولا ريبَ أنَّ ثمةَ مخاطرَ تُهدِّدُ المركبَ، وهذهِ المخاطرُ خارجيةٌ لا دخلَ لأهلِ المركبِ في إيجادِها -وإنْ كانَ بإمكانهمْ أنْ يخفِّفوا منها وأنْ يصمُدوا لرياحِها- ومخاطرُ داخليةٌ تعودُ إلى مَن همْ بداخلِ المركبةِ، ويُساهمُ رُبَّانُ المركبةِ وراكُبوها في عَطَبِها أوْ إنقاذِها، وذلكَ هوَ الأهمُّ في الحديثِ عنِ المركبةِ وسلامتِها. والحديثُ عنْ هذهِ المركبةِ يُهمُّنا جميعًا،


(١) ألقيت هذه الخطبة يوم الجمعة الموافق ٥/ ٣/ ١٤٢٣ هـ.
(٢) سورة التوبة، الآية: ١١٩.
(٣) سورة المائدة، الآية: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>