للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبالي ولا يحزن عليه (١). ولهذا كله روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله يحب كل قلب حزين» (٢).

ذلك هو الخوف المحمود، وهو الذي يمنع صاحبه من اقتراف المعاصي، لأن صاحبه مستحضر لرقابة الله، خائف منه على كل حال، قال سهل التستري رحمه الله: لا يبلغ حقيقة الخوف حتى يخاف مواقع علم الله فيه ويحزن على ذلك (٣).

وقال الخليفة هارون الرشيد ما رأت عيناي مثل الفضيل بن عياض، قال لي وقد دخلت عليه: يا أمير المؤمنين فرغ قلبك للحزن والخوف حتى يسكناه فيقطعاك عن معاصي الله تعالى ويباعداك من عذاب النار (٤).

وبشبه العارفون حزن القلب بسكنى الدار، فكلاهما إذا خلا من الساكن خرب، قال مالك بن دينار: إن القلب إذا لم يحزن خرب، كما أن البيت إذا لم يسكن خرب.

وخوف المسلم من الله نابع من خشيته سوء العاقبة، فهو مهما عمل لا يدري بما يختم له، فتراه دائما خائفًا وجلاً، وتلك من أشدّ الأشياء على الشيطان، وهي مبعدة لعجب الإنسان بعمله، قال إسحاق بن خلف: ليس شيء أقطع لظهر إبليس من قول ابن آدم: ليت شعري بم يختم لي؟ ! قال: عندها ييأس إبليس منه، ويقول: متى يعجب هذا بعمله (٥)؟ ! .


(١) المصدر السابق ١/ ٢١٤.
(٢) رواه البزار والطبراني وقال الهيثمي: إسناده حسن، وضعفه غيره، انظر ثلاث من شعب الإيمان ١/ ٢١٣/ ١، ٢١٤.
(٣) السابق ١/ ٢١٥.
(٤) السابق/ ١/ ٢١١.
(٥) السابق/ ١/ ١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>