للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (١).

عبادَ الله: أمَّا قدومِ الليل، والنورُ يختفي والظلمةُ تغشى فمشهدٌ مكررٌ يراه الناسُ كلَّ يومٍ وفي كل بقعةٍ- ما عدا مناطقَ قطبيةٍ قد يدومُ فيها الليلُ أسابيعَ وأشهرًا- أو يدومُ فيها النهارُ كذلك.

إنها آيةٌ ما أكثرَ منْ يراها وما أقلَّ منْ يتأمل عظمةَ اللهِ من خلالها!

{وَآيَةٌ لَّهُمْ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ، وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ، وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ، لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (٢).

يا أخا الإيمانِ: وحينَ تتصورُ حجمَ الشمسِ ثمَّ تدركُ كيف تجري، تدركُ بعدَ ذلك عظمةَ اللهِ في تيسيرِ هذه الكُتلةِ العظيمةِ التي قيلِ أنها تبلغُ نحوَ مليون ضعفٍ لحجمِ الأرضِ التي نعيشُ عليها، وهذه الشمسُ بضخامتها تسيرُ بسرعةٍ حسبَها الفلكيونَ فقدَّروها باثني عشرَ ميلًا في الثانية، وهذا يعني أنها تقطعُ في الدقيقةِ الواحدةِ سبعَ مئةٍ وعشرين ميلًا ..

فكمْ تسيرُ في الساعةِ، وكمْ تقطعُ في اليومِ والليلة؟ !

فمنْ يسيِّرُها ومنْ يضبطُ حركَتَها؟ إنهُ اللهُ العليمُ القدير.

إننا حينَ ندركُ هذا الخلقَ العظيمَ للشمس، وهذه الحركةَ المنضبطةَ في الكونِ وتصريفَ الليلِ والنهارِ، ندركُ طرفًا من قدرةِ اللهِ فيما خلق، وندركُ ضعفَنا وعجزَنا من خلقِ الله، ومن ثَمَّ نعلمُ حاجَتنا إلى عبوديةِ ربنا وشكره {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ أَفَلا


(١) سورة آل عمران، الآية: ٦.
(٢) سورة يس، الآيات: ٣٧ - ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>