للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها إلى شيرازَ والريَّ فاعلموا ... خراسانَ قصري والجيوش بحازمِ

وسابورَ أهدمُها وأهدمُ حصونَها ... وأوردُها يومًا كيومِ السمائمِ

وكرمانَ لا أنسى سجستانَ كلَّها ... وكابُلَها النائي وملكَ الأعاجمِ

أسيرُ بجندي نحوَ بصرتِها التي ... لها بحرٌ عجاجٌ رائعٌ متلازمِ

إلى واسطَ وسطَ العراقِ وكوفةٍ ... كما كان يومًا جندُنا ذو العزائمِ

وأخرجُ منها نحو مكةَ مُسرعًا ... أجرُّ جيوشًا كالليالي السواجمِ

إلى قوله:

أعودُ إلى القدسِ التي شُرفت بنا ... بعزٍّ مكينٍ ثابتِ الأصل قائمِ

وأعلو سريري للسجودِ معظمًا ... وتبقى ملوكُ الأرضِ مثلَ الخوادمِ

هنالكَ تخلو الأرضُ منْ كلِّ مسلمٍ ... لكل تقيِّ الدين أغلفِ زاعمِ

إلى أن يقول:

سأفتحُ أرضَ اللهِ شرقًا ومغربًا ... وأنشرُ دينًا للصليبِ بصارمي

فعيسى علا فوقَ السماواتِ عرشُهُ ... يفوزُ الذي والاهُ يومَ التخاصُمِ

وصاحبُكمْ بالتربِ أودى به الثرى ... فصارَ رفاتًا بينَ تلكَ الرمائمِ (١)

وهنا يردُ السؤال .. هل تحققَّ لهذا الصليبي حُلمُه؟ وكيفَ كانتْ نهايته؟

لقدْ كفى اللهُ المسلمينَ شرَّه، وحمى بلادَ الحرمينِ منْ صُلبانه، وماتَ ولمْ يحققْ أهدافَه، وشاءَ اللهُ أنْ يميتَه بأقربِ الناسِ إليه، وقتلَهُ أحدُ الضعيفين، ومنْ مأمنهِ جاءَهُ ما يَحذرُ، وكانتْ نهايتُهُ على يدِ زوجتهِ وفي بيته، قالَ ابن كثير: وما زالَ هذا المستكبرُ متسلِّطًا حتى سلَّطَ اللهُ عليهِ زوجتَهُ فقتلَتْهُ بجواريها في وسطِ مسكَنِه، وأراحَ اللهُ منهُ الإسلامَ وأهلَه (٢).


(١) البداية والنهاية ١١/ ٢٧٥، ٢٧٦.
(٢) المصدر السابق ١١/ ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>